للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما نهى عن ذلك بعد وجوب إعظام الأبوين، وإنه مناف له- علم أن العلة فيه ذلك، فيقتضي تحريم الضرب بطريق الأولى، لأن المنافاة بينه وبين الإعظام أكثر. وبعض الناس قالوا بأن المنع من ضربهما معقول من جهة اللفظ، لا من جهة القياس، وهذا غير صحيح، لأنه لو كان كذلك، لكان اللفظ موضوعاً له لغة، ولا يجوز أن يكون موضوعاً له عرفاً، لأن العلم بحرمة ضربهما بهذه الآية موقوف على قياس الأولى، وهو ما ذكرنا من وجوب الإعظام، ومناقاة الضرب إياه أكثر من منافاة التأفيف، فمن لم يحصل هذه الجملة، لا يحصل له العلم بحرمة ضربهما بهذه الآية- إلا أن لقائل أن يقول: نحن لا نقول بأن حرمة الضرب مستفادة بصريح اللفظ، حتى يشترط كونه موضوعاً له لغة أو عرفاً بطريق الدلالة، لما نذكره في حد الاستدلال.

وأما طريق العلل المستنبطة- فقد تكلم الناس فيها:

بعضهم اعتبر المشابهة بين الأصل والفرع طريقاً وعلة للحكم.

وبعضهم اعتبر الإخالة.

وبعضهم اعتبر الاطراد في جميع المعلولات.

وعندنا- طريق معرفة العلة المستنبطة ثلاثة أشياء: التأثير، والملازمة بين الحكم والوصف، وإبطال جميع الأوصاف إلا الوصف الذي هو علة.

ونحن نبطل أقاويل المخالفين، ثم نقرر كل واحد من هذه الطرق الثلاثة.

<<  <   >  >>