فإذا لم يقع مختصاً بتلك الجهة لا يكون علة- مثاله: لو أخبرنا مخبر بعشرة أشياء، وهو معروف بالسداد والديانة والتجنب عن الكذب، يغلب على الظن [عدم] ذلك، لأنه لم يقع على وجه يقتضي غلبة الظن بصدقه، لأن مهتم فيه. ومثاله في الشرعيات: أنا عللنا قبول شهادة الذمي على الذمي بكونه مؤثراً في تغليب الظن، لصدروه عن عقل ودين يعتقد فيه قبح الكذب. فلو أورد علينا شهادته على المسلم، نقول خبر [هـ] عليه لا يؤثر في تغليب الظن، لأنه متهم في حقه، إلى غير ذلك من النظائر.
وخامسها- أن نبين الوصف الذي هو علة مع وجوده واختصاصه بذلك الوجه حقيقة، وأعدمه الشرع أي ألحقه بالعدم، فلا تكون العلة موجودة حكماً، إن كانت موجودة حقيقة. مثاله- قول القائل: إن كون الشخص حياً مكلفاً علة لبقاء أملاكه وعصمة نفسه وأمواله، ليتمكن به من دفع حوائجه. فلو أورد علينا المرتد والحربي، نقول هو حي حقيقة لكن الشرع جعله ميتاً حكماً وألحقه بالأموات. ومعنى ذلك انه خصه بحالة: تقتضي تلك الحالة أن تجري عليه أحكام الأموات، وأبطل عليه الحالة التي تقتضي إجراء أحكام الأحياء عليه، لأنه أجرى عليه أحكام الأموات فقط، فلا تكون العلة موجودة حكماً، فلا يكون تخصيص العلة. وكذا قلنا: إن شهادة الفاسق مقبولة، لكونها مؤثرة في تغليب الظن، لصدروها عن عقل ودين، فيورد علينا شهادة المستأمن والعبد فنقول: الشرع ألحق أهلية المستأمن والعبد وخبرهما بالعدم حكماً- إلى غير ذلك من النظائر- إلا أن في هذا الوجه نظراً.
وسادسها- أن نبين أن الوصف الذي ذكره موجود حقيقة وحكماً، لكنه عارضه علة فوقها وأقوى منها في موضع النقل في تغليب الظن، فيجب تعليق