الحكم بتلك العلة، ويخرج هذا من أن يكون علة في ذلك الموضع. مثاله- لو أخبرنا مخبر بعشرة أشياء وحاله في السداد والأمانة ما ذكرناه، يغلب على الظن ثبوت كلها، فلو كان بعض ذلك محالاً أو مخالفاً للعادة، كصعود السماء ونحو ذلك، أو أخبرنا صادق، لا يثبت ذلك الحكم، لا لخلل في الخبر أو في أوصاف الخبر، لكن لمعارضة دليل فوقه وهو استحالة الفعل في العادة وفى الشرعيات، فلا نعرف ذلك بطريق التفصيل.
مثال الأول- أنا عللنا جواز شراء ما لم يره ونحو ذلك بكون البيع مشتملاً على المصلحة، فلو أورد علينا البيوع المشتملة على الربا- فنقول: ثم وجد فساد أقوى من هذه المصلحة، فألحقت هذه المصلحة بالعدم: عرف ذلك بطريق الإجمال، بتحريم الشرع للربا.
ومثال الثاني- أنا عللنا ثبوت الملك للكافر في أموالنا في دار الحرب بكونه مصلحة دافعة للحاجة. فإذا أورد علينا الغصب في دار الإسلام، نقول: ثم مفسدة عارضة، وهى إزالة إمكان المالك المسلم وتفويت مصلحته، ولم يوجد هذا المعنى هنا، لأن المسلم لا يتمكن من الانتفاع به بعد الإحراز بدار الحرب. وهذا كثير النظير في الشرع. وهو، كما قاله محمد رحمه الله في القياس والاستحسان في الكتب- معناه: ليس إلا هذا، وهو أن العلة الفاسدة عارضتا علة أقوى منها، فيمنع العمل بها، إلا أن هذا الوجه فيه نظر أيضاً.
فهذه طرق دفع النقوض إن أمكن للمجيب شيء منها. وإلا فالنقض واقع وتخصيص العلة لازم.
فإن قيل: يمكن دفع النقوض بوجه آخر، وهو أن يقول المجيب ما ذكرته علة مؤثرة في إثبات الحكم، إلا أن الشرع متى لم يثبت الحكم مع وجودها