للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ب) - دليل آخر- خلق الله تعالى الطعوم في الأجسام، مع إمكان أن لا يجعلها فيها، فيقتضى أن يكون [له فيها] حكمة وغرض يخصها، وإلا كان عبثاً وسفهاً. ويستحيل أن يعود إليه ذلك الغرض بنفع أو دفع ضرر، لاستحالتهما على الله تعالى. فبعد ذلك- الأمر لا يخلو: إما إن كان لغرض نفع يعود إليهم: إما بأن يدركها، وإما بأن يجتنبها، فيستحق الثواب، وإما أن يستدل بها على الصانع وتوحيده [فيباح له أن] يدركها. ولا جائز أن يكون الغرض ضرر العباد، لأنه قد لا يكون فيه ضرر. ولأنه لا يحسن الإضرار الخالص لمن لا يستحقه. ولأنها إنما يضرها بإدراكها. وفى ذلك إباحة إدراكها. وأما استحقاق الثواب بتجنبها، فإنما يكون إذا دعت النفس إلى إدراكها، وفى ذلك تقدم إدراكها. وكذلك الاستدلال، لأنه إنما يستدل بها إذا عرفت، والمعرفة بها موقوفة على إدراكها. وهذا لأن الله تعالى لم يخلق فينا العلم بهذه الطعوم دون إدراك، والاستدلال بها لا يكون بدون العلم، فدل ما ذكرناه على أنه لا فائدة فيها إلا إباحة الانتفاع بها. وذلك يقتضى أن يركب الله تعالى في العقول

<<  <   >  >>