للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدرك من الشيوخ، ومن أدركه من التلاميذ ومن طابقه وقارنه من أمثاله وأقرانه، كما تميزه بها عمن رافقه في الاسم وخالفه في زمنه.

وهذا الطريق والذي قبله من أقوى ما يميز به الكذابون، فإن طائفة كثيرة منهم لم يكن لهم حظ من نور حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سمعوه، فعمدوا إلى وضع المتون وركَّبوا لها الأسانيد، وأرادوا لبضاعتهم أن تروج، فألصقوها بالمعروفين من الثقات الذين كتب الله لهم القبول عند الناس، ولم يكن أولئك الكذابون أدركوا أولئك الثقات.

وطائفة ادعت السماع من بعض الكبار أرادت أن تتشرف بالأخذ عنهم، فقصدت إلى تزوير علو الطبقة وإيهام القدم، إلى غير ذلك من دواعي الكذب.

عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق، فأتاني أهل الحديث، فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان، فأتيته، فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ قال: سنة ثلاث عشرة، فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سني ن، قال إسماعيل: مات خالد سنة ست ومئة (١).

وقال الحافظ أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي: سمعت [حماد] بن زيد يقول لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟ فإذا أخبر بمولده عرفنا كذبه من صدقه "، قال أبو حسان: فأخذت في التاريخ، فأنا أعمله من ستين سنة (٢).


(١) أخرجه ابنُ حبان في " المجروحين " (١/ ٧١) والحاكم في " المدخل إلى الإكليل " (ص: ٦٠ _ ٦١) ومن طريقه: الخطيب في " الجامع " (رقم: ١٤٥)، بإسناد جيّد.
والتحقيق في سنة وفاة خالد أنها كانت سنة (١٠٣) في أظهر الأقوال، وعليه فيكون هذا الرجل قد ادّعى أنه سمع من خالدٍ بعدَ موته بعشْر سنين.
(٢) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (٧/ ٣٥٧) و " الجامع لأخلاق الراوي " (رقم: ١٤٣) ومن طريقه: ابن عساكر في " تاريخه " (١/ ٥٤ _ ٥٥) بإسناد صحيح.

ووقع فيهما: (حسان بن زيد) بدل (حماد)، وأظنه قد انتقل البَصر إلى (أبي حسان) فأخذت منها، ولم أجد لها وجْهاً غير ذلك، فأبو حسان يروي عن حماد بن زيد، كما وجدته في غير موضع، كما أن مثل هذه المقالة أليق بأن تكون من إمام مثل حماد بن زيد، أما (حسان بن زيد) فمن يكون؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
ثم وجدت ابنَ عساكر قال عقبَ تخريج هذا الأثر: " كذا من تاريخ بغداد: حسّان بن زيد وأظنه: حماد بن زيد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>