للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحرير كما بينته في (شرط اتصال السند): أن قبول الوجادة والعمل بها صحيح معتبر، بشرط حصول الثقة بالموجود، وعليه فلا تعد الرواية بها مما يقدح في الراوي لأجله.

الصورة الثالثة: الجرح بسبب التحمل في الصغر.

تقدم في الفصل السابق بيان صحة تحمل الصغير إذا كان مميزاً، وضبط ما تحمله، فالقدح في الراوي بسبب صغر السن لا أثر له بمجرده، ولا يصلح أن يكون سبباً للجرح، وإنما إذا ثبت أن السن لم يكن سن ضبط، والراوي حدث بالشيء مما لم يضبطه لذلك، كان ذلك مؤثراً، لكنا لم نجد في التحقيق له مثالاً صالحاً ترجع علته إلى مجرد هذا.

وقد تكلم في بعض الرواة لهذه العلة، كما ذكرت بعض مثاله حيث أشرت.

قال أحمد بن أبي الحواري (وهو ثقة): قلت للفريابي: رأيت قبيصة (١) عند سفيان؟ قال: " نعم، رأيته صغيراً ". قال أبو زرعة الدمشقي: فذكرته لمحمد بن عبد الله بن نمير، فقال: " لو حدثنا قبيصة عن النخعي لقبلنا منه " (٢).

قلت: يعني أنه لم يضره أن كان صغيراً حين سمع من الثوري.

الصورة الرابعة: ما يعود إلى جحد الشيخ أن يكون حدث بالحديث، أو تركه القول بمقتضاه.

فهاتان حالتان:

الأولى: الراوي يروي عن رجل حديثاً، فيسأل المروي عنه فينكره، أو ينكر أن يكون ذلك الراوي قد سمع منه، فذلك الخبر لا يقبل من ذلك


(١) يعني ابن عُقبة.
(٢) تاريخ أبي زُرعة الدمشقي (١/ ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>