للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث مما اختلف فيه رفعاً ووقفا (١)، والصناعة الحديثية بناءً على الأصل المتقدم في قبول زيادة الثقة لا تُساعد على قبول زيادة الرفع من جهة حِفظ من زادها، ولكنه اعتضد بكون هذا وإن كان الراجح فيه الوقف بناءً على القواعد، لكنه مرفوعاً حُكماً، إذ مثله لا يُقال من قبل الرأي، فكانت هذه قرينة مُرجحة لزيادة الرَّفع في التحقيق.

التنبيه الثاني: من الثقات المتقنين من كانوا يُوقِفون الحديث تَقصيراً، وغيرهم يَرفعه، فمن تبيَّن ذلك منه لم يَصحَّ أن يُقام صَنيعه مُخالفة مُعتبرة للثقة الذي رفع الحديث.

كقول أبي بكر المُروذيِّ: سألته (يعني أحمد بن حنبل) عن هشام بن حسان؟ فقال: " أيوب وابنُ عوْن أحب إليَّ " وحسَّن أمر هشام، وقال: " قد روى أحاديث رَفعها أوْقفوها، وقد كانَ مذْهبهم أن يُقصروا بالحديث ويوقفوه " (٢).

القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن.

مَذهب جُمهور أهل الفقه والأصول قَبولها، ونسب بَعضهم إلى الإمام أبي حنيفة أنه ردَّها (٣).

والتحقيق: أن مَذهب أبي حنيفة الذي يتبين من صنيع أصْحابه: قبولُ زيادة الثقة، كما وَجدته في كلام الطحاوي (٤)، وتعلق به المتأخرون في مَواضع، كابن الهُمام (٥)، وذكروه على التسليم.

وأحْسب الوهْم دخل على من نسب ردَّ الزيادة لأبي حنيفة، من جهة مذْهبه في النَّصَّين المستقلين، في أحدهما من الحُكم ما ليس في الآخر،


(١) كما شرحته في كتاب " الأجوبة المرْضية " (ص: ١٧ _ ٢١).
(٢) العلل ومعرفة الرجال، رواية المرُّوذي (النص: ٧٨).
(٣) البرهان، لإمام الحرمين (١/ ٦٦٢)، المنخول، للغزالي (ص: ٢٨٣)، المستصفى، له (ص: ١٩٤).
(٤) انظر: شرح مشكل الآثار، للطحاوي (١٢/ ٤٤٠).
(٥) انظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام (٢/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>