للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن شيخه في السند الأول، ولا يكون من باب الاختلاف الذي يدخله الترجيح، والذي يقال فيه: المحفوظ إحدى الروايتين والأخرى وهم.

وشرحت مثال هذه الصورة في مبحث (الشاذ).

والصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة.

وهذا كثير في الأسانيد، خصوصاً لما بينا في الكلام على العنعنة أنهم كانوا يتخففون بذكرها عن سياق ألفاظ السماع، ولا ريب أن حفظها زيادة تدفع الشبهة عن حديث الموصوف بالتدليس من الثقات، بل تنفي على أي حال شبهة الانقطاع.

وقبولها مشروط إضافة إلى كون الراوي الحافظ لها ثقة بأن يصح الإسناد إليه، وأن يسلم ذلك من المعارض الراجح، فقد تقوم الحجة على وهم الثقة في ذكر السماع (١).

والصور المتقدمة كان السلف من أئمة هذا العلم يعتنون بتمييزها وحفظها، ويعيبون على من يقع له الحديث على وجهين: ظاهر الاتصال في أحدهما، ومنقطع في الآخر، فيحدث بما ظاهره الاتصال دون المنقطع.

كما قال الميموني: تعجب إلي أبو عبد الله _ يعني أحمد بن حنبل _ ممن يكتب الإسناد ويدع المنقطع، ثم قال: " وربما كان المنقطع أقوى إسناداً وأكبر "، قلت: بينه لي، كيف؟ قال: " يكتب الإسناد متصلاً وهو ضعيف، ويكون المنقطع أقوى إسناداً منه، وهو يرفعه ثم يسنده، وقد كتبه هو على أنه متصل، وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم "، معناه: لو كتب الإسنادين جميعاً عرف المتصل من المنقطع، يعني: ضعف ذا، وقوة ذا (٢).


(١) واستفد مِثاله مما تقدم ذكْره في خطأ من روى عن عبد الجبار بن وائل سماعَه من أبيه وائل بن حجر، في (اتصال الإسناد).
(٢) أخرجه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " (رقم: ١٥٧٦) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>