للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا أبو هريرة حافظ، وأكثرهم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما حدث إلا من حفظه بصدره.

قال: " ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو؛ فإنه كان يكتب ولا أكتب " (١).

وربما قلت: كانوا يعتمدون حفظ الصدور؛ لأنهم نهوا أولاً عن كتابة الحديث مخافة اختلاطه بالقرآن، لكن الكتابة شاعت بعدئذ.

وأقول: هذا صحيح في الجملة، لكن بقي الاعتماد على حفظ الصدور واستمر حتى بعد التدوين.

فكثير من كبار الأئمة كان اعتمادهم على الحفظ، كسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد.

وهذا يحيى بن معين وسئل عن (وكيع بن الجراح): كيف كان يحدثهم؟ فقال: " كان يحدث من حفظه، كل شيء حدث به حفظاً " (٢).

[كيف يثبت حفظ الراوي؟]

قال الخطيب: " وإذا سلم الراوي من وضع الحديث وادعاء السماع ممن لم يلقه، وجانب الأفعال التي تسقط بها العدالة، غير أنه لم يكن له كتاب بما سمعه، فحدث من حفظه، لم يصح الاحتجاج بحديثه حتى يشهد له أهل العلم بالأثر والعارفون به أنه ممن قد طلب الحديث وعاناه وضبطه وحفظه " (٣).

قلت: أي لابد من تزكية أهل المعرفة بهذا العلم له أنه موثوق الحفظ، فيحتج بما يؤديه عندئذ.


(١) أخرجه البخاري (رقم: ١١٣).
(٢) معرفة الرجال، رواية: ابن مُحرز (٢/ ٧٥).
(٣) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>