متون الأحاديث الموضوعة ترجع إلى واحد من مصادر ثلاثة:
الأول: من ذات واضعه، وذلك بأن يصنعه بألفاظ نفسه.
والثاني: أن يكون مأثورا عن صحابي أو تابعي قولهما، أو قولا من الحكمة أو أمثال الناس السارية، إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: أن يكون من الأخبار المستوردة من بني إسرائيل، والتي تسمى (الإسرائيليات)، فتضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الأسانيد لتلك المتون، فإن من وضع المتن فلا يعجزه أن يركب له الإسناد، وقد يكون إسناداً لا يعرف إلا لذلك الخير، يكون الواضع قد صنعه كما صنع المتن، وهذا قليل (١)، وقد يكون إسناداً معروفاً نظيفاً، ركب عليه الواضع ذلك المتن، وهذا هو الأكثر، ويفعلون لما يقع من الإغراء به لنظافة الإسناد في الظاهر.
فإن كان الواضع صير ما ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم عنه كالآثار والإسرائيليات، فتلك ربما مروية بإسناد، فيزيد فيه الواضع النسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أو يصله إليه بزيادة ما يقتضيه الوصل، وربما وضع لتلك الآثار الإسناد أيضاً وركبها عليه.
ومن تلك المتون ما لا سند له، وشاع بين الناس منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم
(١) مثل ما قاله ابنُ عدي في (الحسن بن علي بن صالح العدوي): " يضع الحديث، ويسرق الحديث، ويُلزقه على قوم آخرين، ويُحدث عن قوم لا يُعرفون، وهو متهم فيهم، فإن الله لم يخلقهم "، قلت: ومن أمثلة هؤلاء ممن ذكر ابنُ عدي رجلٌ يُقال له: (خِراشُ بن عبد الله) اصْطنعه العَدوي هذا وزَعم أنه خادِم أنس بن مالك، وبعد أن ساق ابن عدي له أحاديث عنه قال: " وهذه الأحاديث أربعة عشر حديثاً، وخِراش هذا لا يُعرف، ولم أسْمع أحداً يذْكر خراشاً غير العدوي " (الكامل ٣/ ١٩٥، ٢٠٤ _ ٢٠٥) .......