للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: حكم رواية الضرير من الكتاب.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي، قلت: ما تقول في سماع الضرير البصر؟ قال: " إذا كان يحفظ من المحدث فلا بأس، وإذا لم يكن يحفظ فلا، قد كان أبو معاوية الضرير إذا حدثنا بالشيء الذي يرى أنه لم يحفظه يقول: في كتابنا، أو: في كتابي عن أبي إسحاق الشيباني، فلا يقول: حدثنا، ولا سمعت ". قلت: فالأمي؟ قال: " هو كذلك بهذه المنزلة، إلا ما حفظ من المحدث " (١).

وقال أبو معاوية: " ما سعت من الشيخ وحفظته عنه قلت: حدثنا، وما قرئ علي من الكتب قلت: ذكر فلان " (٢).

قال الخطيب: " ونرى العلة التي لأجلها منعوا صحة السماع من الضرير والبصير الأمي، هي جواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما " (٣).

قلت: وهذه العلة إذا انتفت بتحفظ الراوي واحتياطه المانع من هذه المظنة، فلا مانع في صحة الرواية عنه.

المسألة الثالثة: تساهل الرواة في الإتقان فيما بعد رأس سنة ثلاث مئة.

قال الذهبي مبيناً شرطه في " الميزان ": " من قد تكلم فيه من المتأخرين لا أورد منهم إلا من قد تبين ضعفه واتضح أمره من الرواة؛ إذ العمدة في زماننا ليس على الرواة؛ بل على المحدثين والمقيدين، والذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين. ثم من المعلوم أنه لا بد من صون الراوي وستره. فالحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس سنة ثلاث مئة. ولو فتحت على نفسي تليين هذا الباب لما سلم معي إلا


(١) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ٣٣٨) وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ٣٧٩) وإسناده صحيح.
(٣) الكفاية (ص: ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>