للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلة في منع التعليل بمجرد موافقة ما عند أهل الكتاب، أن الوحي الذي أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم جاء مصدقاً لما جاء به النبيون من قبل، وفي القرآن الكثير مما يوافق ما عند أهل الكتاب، فتأمل.

ولم أجد في منهج أهل العلم بالحديث مثالاً واحداً أعلوا به رواية ثقة بمجرد وقوع تلك الموافقة، حتى يقوم دليل على وهم الثقة، كأن يروي ثقة حديثاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يوجد من رواية من هو أوثق منه عن أبي هريرة عن كعب الأحبار، يحكيه عن التوراة.

ولكني وجدت بعض أهل زماننا ممن ليس من هذا العلم في شيء يشكك في بعض الحديث؛ لكونه وجد نظيره في التوراة التي عند اليهود.

كما سمعت من أحدهم في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً " الحديث (١).

قال: " هذا آية في التوراة ".

وأقول: لو صح ما زعمه ما ضر ذلك في صحته حديثاً عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فيكون من العلم المصدق لما عند أهل الكتاب.

خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله.

مثاله: قول أبي داود السجستاني: سمعت أحمد (يعني ابن حنبل) سئل عن حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " الأئمة من قريش "؟ قال: " ليس هذا في كتب إبراهيم، لا ينبغي أن يكون له أصل " (٢).

وقال أبو حاتم الرازي: سألت أحمد بن حنبل عن حديث سليمان بن


(١) متفق عليه: أخرجه البُخاري (رقم: ٥٨٧٣) ومسلم (رقم: ٢٨٤١).
(٢) مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود (ص: ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>