للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك فإن المخطىء المتأول بمعصية إذا عرف بالصدق فحديثه مقبولاً مطلقاً، لأن التأويل متضمن إرادة صاحبه للصواب، وعدم قصده للخطأ، وقد وقع التأويل للمخالفة الشرعية من جماعة من الصحابة فلم يمنع ذلك من قبول ما حملوه من العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأهل الشام الذين قاتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

فأولى من ذلك أن يقبل حديث من واقع مختلفاً في منعه، أو ترك مختلفاً في فرضه.

قال الشافعي: " والمستحل لنكاح المتعة، والمفتي بها، والعامل بها، ممن لا ترد شهادته، وكذلك لو كان موسراً فنكاح أمة مستحلاً لنكاحها، مسلمة أو مشركة؛ لأنا نجد من مفتي الناس وأعلامهم من يستحل هذا، وهكذا المستحل الدينار بالدينارين، والدرهم بالدرهمين يداً بيد، والعامل به؛ لأنا نجد من أعلام الناس من يفتي به ويعمل به ويرويه، وكذلك المستحل لإتيان النساء في أدبارهن، فهذا كله عندنا مكروه محرم، وإن خالفنا الناس فيه فرغبنا عن قولهم، ولم يدعنا هذا إلى أن نحرجهم ونقول لهم: إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم؛ لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم، وينسبون من قال قولنا إلى أنه حرم ما أحل الله عز وجل " (١).

قلت: والقول في البدعة من هذا على التحقيق، وسيأتي في أسباب سلب العدالة.

الصورة الثانية: ما يعود الجرح فيه إلى طريق التلقي، والجارح اعتمد فيه المذهب المرجوح.

وذلك في حالتين:

الأولى: في رواية الراوي عرضاً.


(١) الأم (٦/ ٢٠٦). وتقدم سِياق هذا النص أيْضاً في (صفة الناقد).

<<  <  ج: ص:  >  >>