للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المتوفى سنة: ٤٢٣)، فقد قال الخطيب البغدادي: حدثني الأزهري، قال: " وضع النعيمي على أبي الحسين بن المظفر حديثاً لشعبة، ثم تنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي عن بغداد لهذا السبب، وأقام حتى مات ابن المظفر، ومات من عرف قصته في وضعه الحديث، ثم عاد إلى بغداد " (١).

قلت: وحمل الذهبي ذلك منه على هفوة منه في صباه، فقال: " قد بدت منه هفوة في صباه واتهم بوضع الحديث، ثم تاب إلى الله واستمر على الثقة " (٢).

وكأن في جميع هذا نظراً، وذلك أن كلام الأزهري لا يفيد غير التهمة، والرجل قد عرف عند أهل العلم بالحفظ والأمانة والإمامة، وجائز أن يكون أساس تلك التهمة أن الرجل شبه له ذلك الحديث المشار إليه، فحدث به على الوهم والخطأ لا على تعمد الكذب، فإننا لم نر ما يشهد لما قال الأزهري في معرفة الحديث، ومن رءوس أئمة البغداديين، سمع من النعيمي، بل اعتنى بحديثه، وأثنى عليه، فلو كان لما ذكر الأزهري أثر مع ما حكى من شيوع ذلك ببغداد، لما خفي البرقاني، ليطلق الثناء عليه في كل شأن إلا ما ذكره من عجب فيه.

وكذلك لم يعتد الخطيب بقول الأزهري، فأثنى على النعيمي وروى عنه.

[الكذب في حديث الناس:]

وهذه كما تقدم مثال لما يفسق به الراوي، ويقدح به على عدالته.

قال مالك بن أنس: " لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت


(١) تاريخ بغداد (١١/ ٣٣٢).
(٢) ميزان الاعتدال (٣/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>