للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ _ ومنهم من يضع انتصاراً للأوطان، كمن وضع في فضائل بلد، ومثالب آخر.

السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة.

وهذا يوجد في طائفة تبيح الكذب في الحديث لمصلحة الدين، وربما احتسب بعضهم الأجر في ذلك، يرغب في طاعة أو ينفر من معصية.

ويكثر مثل هذا عند الوعاظ.

قال أبو عمار الحسين بن حريث المروزي (وكان ثقة): قيل لأبي عصمة (يعني نوح بن أبي مريم): من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: " إني قد رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة " (١).

وممن كان يفعل ذلك من أولئك الكذابين: ميسرة بن عبد ربه، وأحمد بن محمد بن غالب الباهلي المعروف بغلام خليل (٢).

قال أبو زرعة الراوي وسئل عن ميسرة بن عبد ربه: " كان يضع الحديث وضعاً، قد وضع في فضائل قزوين نحواً من أربعين حديثاً، كان يقول: إني أحتسب في ذلك " (٣).

ومن هذا ما ذهب إليه بعض أهل الضلالة من جواز وضع الحديث في الترغيب والترهيب، والثواب والعقاب؛ لأنه ليس كذباً عليه صلى الله عليه وسلم، إنما هو كذب لمصلحة الإسلام (٤)، زعموا!


(١) أخرجه الحاكم في " المدخل إلى الإكليل " (ص: ٥٤) ومن طريقه: ابنُ الجوزي في " الموضوعات " (رقم: ١٦) وإسناده صحيح.
(٢) انظر قصته في " الكامل " لابن عدي (١/ ٣٢٢).
(٣) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٢٥٤)، قلت: فكأنه وضعها للترغيب في الرباط هناك.
(٤) وانظر: الموضوعات، لابن الجوزي (١/ ١٣٤ _ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>