للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يجب أن يحتاط فيه من هذه الصورة.

ما يقوله الصحابي من إثبات تحليل أو تحريم، فمن الناس من يدعي أن له حكم الرفع، وهذا خطأ، فإن الصحابة كانوا يُفتون الناس في الحلال والحرام، وكما وسع من بعدهم من العلماء أن يحلوا ويحرموا باجتهادهم فيما لا نص فيه، فعلماء الصحابة هم سادة المجتهدين لهذه الأمة، وقد سبقوا إلى أن قالوا باجتهادهم فأحلوا وحرموا، واختلفوا في المسائل بسبب ذلك.

المسألة الخامسة: قول الصحابي (أمرنا بكذا .. نهينا عن كذا .. كنا نؤمر بكذا .. كنا ننهى بكذا .. كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل كذا .. كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا .. من السنة كذا) وشبه ذلك، فهو حديث مسند مرفوع حكما في قول أكثر أهل العلم، وهو الصواب (١).

وذلك بناء على أن حال ما يحكيه الصحابي من ذلك إنما كان لبيان شرائع الدين، والتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصا ولا يكاد يوجد الشيء من ذلك لا شاهد له من النصوص المسندة صراحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الخطيب: " والدليل عليه: أن الصحابي إذا قال: أمرنا بكذا، فإنما يقصد الاحتجاج لإثبات شرع وتحليل وتحريم وحكم يجب كونه مشروعا (٢).

مثاله: ماحدث به مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: صليت إلى جنب أبي، فلما ركعت شبكت أصابعي، وجعلتهما بين ركبتي، فضرب يدي، فلما صلى قال: قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب (٣).


(١) انظر: معرفة علوم الحديث، للحاكم (ص: ٢٢)، والكفاية، للخطيب (ص: ٥٩١ _ ٥٩٥).
(٢) الكفاية (ص: ٥٩٢).
(٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: ٧٥٧) ومسلم ٌ (رقم: ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>