للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب بعض أهل العلم، كابن حزم، إلى أن هذه الصورة ليست مسنداً مرفوعاً (١).

واعترض بعضهم باحتمال أن يكون الآمر الناهي من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا ضعيف، فإن الصحابة فيما دل عليه الاستقراء لم يكونوا يستعملون ذلك في أمر أو نهي أوسنة أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الشافعي وقد ذكر حديثا عن ابن عباس والضحاك بن قيس فيه: (كذا وكذا سنة): " وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقولان: (السنة) إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله " , وقال: " وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولون بالسنة والحق إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله تعالى " (٢).

قلت: وقول الشافعي: (إن شاء الله)، من أجل مظنة أن يقول الصحابي الشيء من ذلك بمحض اجتهاده، وليس بمنزلة المرفوع الصحيح.

وأما قصة حنظلة السَّدوسيِّ قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته ... (٣)، ثم يدق بين حجرين، ثم يضرب به. فقلت لأنس: في زمان من كان هذا؟ قال: في زمان عمر بن الخطاب. فهذا خبر لا يصح رواية، فلا يتعقب بمثله (٤).

وإذا حكى الصحابي أمرا شائعا، ونسبه إلى عامة الصحابة، كأن


(١) الأحكام في أصول الأحكام (٢/ ٧٢).
(٢) الأم (١/ ٢٧١).
(٣) ثمرته: هو العُقدة التي تكون في طَرفه، فتُقطع، ويُدق السوط بين حجرين ليلين ليَكون أيسر على من يُضرب به.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٥٠ _ ٥١) وابنُ عبد البر في " التمهيد " (٥/ ٣٣٤)، وعلته حَنظلة فإنه ضعيف الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>