واعتبار كونهما حديثين، ولا يُعل أحدهما بالآخر، هو على طريقة ابن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيَّين وأكثر الحفَّاظ.
أما الدارقطني، فقد كان يعل الحديث بمثل هذا الاختلاف، إذا تقارب المعنى بين الحديثين، كأحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد (١)
الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة.
وهي العلَّة العائدة إلى انقطاع ظاهر، أو مجيء الرواية من طريق مجروح، أو اشتراك اسم بين راوٍ ثقة وآخر مجروح.
والطريق لتمييز هذه العلة معرفة المراسيل، وتواريخ الرواة لمعرفة الإدراك، والجرح والتعديل، والمتفق والمفترق أو مشتبه الأسماء.
ومن أمثلة العلل الظاهرة:
أولاً: أن يختلف ثقة ومجروح، فليس هذا من خفي العلل، إذ رواية المجروح مرجوحة ضعيفة من جهة ضعفه المتميز، وهو لو تفرَّد فهو واهٍ، فكيف به وقد خالف؟
نعم، يستثنى من ذلك اختلاف الرواية بين ثقة أو ثقات ومن هو ثقة أو صدوق في الأصل، يُلين في بعض شيوخه لا مطلقاً، إذا كان وقع الاختلاف على شيخه الذي هو فيه ضعيف، إذ هذا مما قد يخفى، إجراء على أصل ثقته، كرواية بعض الثقات من أصحاب الزهري عنه، وقد ضُعِّفوا فيه، وسأذكر له مثالاً بمخالفةٍ من هشام بن سعد لسائر أصحاب الزهريِّ، عنه.
ثانياً: تعليل الحديث براوٍ غير منسوب، يشترك في إطلاقه راويان: ثقة ومجروح.