للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن حماد بن زيد: أن فرقداً (يعني السبخي) ذُكر عند أيوب (يعني السختياني)، فقال: " لم يكن صاحب حديث، وكان متقشفاً، لا يقيد علماً، ذاك لون، والبصر بالعلم لون آخر " (١).

وقال عمرو بن محمد الناقد: سأل رجل وكيعاً (يعني ابن الجراح)، قال: يا أبا سفيان، تعرف حديث سعيد بن عبيد الطائي عن الشعبي في رجل حج عن غيره، ثم حج عن نفسه؟ فقال: " من يرويه؟ "، قلت: وهب بن إسماعيل، قال: " ذاك رجل صالح، وللحديث رجال " (٢).

قلت: واعتبار الضبط الركن الأساس لتزكية الراوي؛ من أجل كونه يباشر ذات الراوية، لذلك كان القدح في النقلة بتخلفه أكثر، فالوهم والغلط قليل ذلك وكثيره إنما هو في ضعف الحفظ.

وليست كذلك العدالة في الدين، وإنما طلبت لدفع مظنة الكذب، إذ ضعف الوازع عند رقيق الدين مما يورد الشبهة في أمانته ولا يؤمن منه معه الكذب، فيكون قادحاً بمجرده للمظنة لا لمباشرته الرواية، إلا أن يكون ثبوت الكذب منه في الحديث، وكم تجد فيمن قدح في عدالته الدينية من كان يحفظ ما يحفظ الناس؟

والضبط: حفظ الراوي لحديثه.

ويلزم لتمامه: أن يقدر الراوي على أداء الحديث كما تلقاه.

وهو واقع على نوعين:

النوع الأول: حفظ الصدر.

كثير من الرواة، بل لو قلت: أكثر الرواة كانوا يعتمدون حفظ الصدر في أداء الحديث، ولم يكونوا يكتبون.


(١) أخرجه الجوزَجاني في " أحوال الرجال " (النص: ١٥٣) بإسناد صحيح.
(٢) وأخرجه مسلم في " المقدمة " (١/ ١٧) والحاكم في " المدخل إلى الإكليل " (ص: ٦٤) والخطيب في " الكفاية " (ص: ٢٥٠) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>