سأل أبو عبد الرحمن السلمي الدارقطني عن أبي حامد الشرقي؟ فقال:" ثقة مأمون إمام "، قال السلمي: فقلت: فما تكلم فيه ابن عقدة، فقال:" سبحان الله! وترى فيه مثل كلامه؟ ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن معين "، قلت: وأبو علي الحافظ كان يقول من ذلك، فقال:" وما كان محل أبي علي وإن كان مقدماً في الصنعة أن يسمع كلامه في أبي حامد، رحم الله أبا حامد، فإنه صحيح الدين، صحيح الرواية "(١).
التنبيه الثالث: تقديم الجرح عند اجتماع الشروط لا يلزم منه السقوط بالراوي.
وإنما المقصود إعماله، وقد يصير إلى النزول بدرجة الراوي عن درجة المتقنين إلى من يقبل حديثه بعد تحقق سلامته من الغلط، كما قد يعتبر الجرح فيه عند مقارنته بمن هو فوقه، لا إذا استقل بالرواية، وقد ينزل به إلى درجة من يرد حديثه الذي ينفرد به، ويعتبر به عند الموافقة، وقد يلحق بالمتروكين، أو الكذابين.
والعبرة بدلالة ذلك الجرح المفسر وأثر قدحه.
التنبيه الرابع: جرى عند علماء هذا الفن أن الراوي إذا اتفق على توثيقه إماما الصناعة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فإنه جاز بذلك القنطرة.
والمقصود أنه لو جرح فغاية أمره أن يكون لخطأ أخطأه لا يسقط به، ولا يزيله عن درجة المقبولين، وإنما قد ينزل به عن درجة المتقنين إلى من يحسن حديثه.
(١) سؤالات السلمي للدارقطني (النص: ١٨). أبو حامد هوَ أحمد بن مُحمد بن الحسن النيْسابوري، من تلامذةِ مُسلم، وأبو علي هوَ الحسين بنُ علي بن يزيد النيْسابوري، من كِبار الحُفاظ.