للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام، لقوله من بعد في مدة خلق السماوات: {فقضاهنَّ سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها} [فصلت: ١٢]، فهذه ستة أيام لخلق السماوات والأرض، كما قطع بذلك القرآن العزيز في مواضع، كقوله تعالى: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [ق: ٣٨].

وأبان البخاري أن الوهم من الثقة دخل فيه من جهة أن بعض الرواة أخطأ، فهذا مما حمله أبو هريرة عن كعب الأحبار، وليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: " وقال بعضهم: عن أبي هريرة، عن كعب، وهو أصح " (١)، وأعله غيره بغير ذلك (٢).

[النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية]

وهذا طريق يكشف به إتقان الرواة وحفظهم: أن يقارن حديث الراوي بالمحفوظ المعروف من روايات غيره، كما بينته في (الجرح والتعديل)، وكذلك هو طريق يكشف به وهم الثقة.

مثاله: عرض الروايات المختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الكسوف، على السنن المحفوظة عنه أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، كما صح من حديث عائشة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وغيرهم.

ورويت فيها صفات غير ذلك من طريق بعض الثقات، لكنها لا تصح، من أجل خلافها للمحفوظ من السنة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى في حياته الكسوف مرة واحدة، ويمتنع تعدد الصفة لصلاة واحدة.


(١) التاريخ الكبير (١/ ١ / ٤١٣ _ ٤١٤)، وحاول الشيخ عبد الرحمن المعلمي أن يذُبَّ عن الحديث في كتابه " الأنوار الكاشفة " في رده على أبي ريَّة (ص: ١٨٨ _ ١٩٣)، وفي بعض ما قاله تكلف.
(٢) انظر الأسماء والصفات، للبيهقي (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>