للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأت: {إنك لا تسمع الموتى} الآية [النمل: ٨٠]، {وما أنت بمسمع من في القبور} [فاطر: ٢٢] (١).

قلت: في هذا الذي استدركته عائشة في الجملة مناقشة وكلام، ولكن المقصود أن من أعيان الصحابة من كان يعرض ما يبلغه من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن، ولا يقبل منها ما أتى على خلافه.

وسئل الأوزاعي: أكل ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم نقبله؟ فقال: " نقبل منه ما صدقه كتاب الله عز وجل، فهو منه، وما خالفه فليس منه "، فقيل له: إن الثقات جاءوا به؟ قال: " فإن كان الثقات حملوه عن غير الثقات؟ " (٢).

ومن أمثلته في نظر المتقدمين ما سأذكره عن الشافعي في النوع التالي. ... وتعليل بعض أهل العلم لحديث أبي هريرة، قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فقال: " خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الأثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل " (٣).

فهذا رده جماعة من محققي الأئمة، وأقوى مستند في رده معارضة القرآن، فإنه إذا استثني اليوم السابع في خلق آدم، فإن الحديث دل على أن الأرض خلقت في ستة أيام، والله عز وجل يقول في كتابه: {قل أئِنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} [فصلت: ٩، ١٠]، أي فعدة مدة خلق الأرض بما فيها أربعة


(١) أخرجه مسلم (رقم: ٩٣٢).
(٢) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في " تاريخه " (١/ ٢٧١) وإسناده جيد.
(٣) أخرجه مسلم في " صحيحه " (رقم: ٢٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>