للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أظهر في الوضع مما صيغت له الأسانيد؛ لأن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل بدون الإسناد.

والكذب في الحديث يعلم بطرق، تعود جملتها إلى ما يلي:

الأولى: أن يقر واضعه بأنه وضعه.

ووقع من بعض من عرفوا بالكذب اعترافهم بذلك، كنوح بن أبي مريم، وعبد الكريم بن أبي العوجاء، وزياد بن ميمون، وغيرهم.

قال أبو داود الطيالسي: " أتينا زياد بن ميمون، فسمعته يقول: أستغفر الله، وضعت هذه الأحاديث " (١).

قلت: لكن كشف الحديث الموضوع المعين بهذا الطريق فيما في أيدي الناس من الحديث المروي لا يكاد يوجد، إنما كان طريقاً تكشف به حال أولئك المخذولين.

الثانية: أن يكون ظاهراً منه بحيث كأنه ينزل منزل إقراره بوضعه.

وذلك كما قال يحيى بن معين في (أبي داود النخعي): " رجل سوء كذاب، يضع الأحاديث، انصرفنا من عند هشيم في أبواب من الطلاق، فقال: ليس منها شيء إلا وعندي بإسناد، كان يدخل فيضع الحديث ثم يخرج "، قال يحيى " سمعت أبا داود يقول: حدثني خصيف وخصاف ومخصف، كذب كله " (٢).

قلت: كأن ابن معين يقول: كان الكذب ظاهراً في وجهه.

وانكشف لكثير من النقاد حال طائفة من هؤلاء الكذابين، فقضوا بأنهم وضعوا الحديث المعين أو الأحاديث، مثل قطعهم بوضع ميسرة بن عبد ربه


(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في " العلل " لأبيه (النص: ٢٩٩٧) بإسناد صحيح.
(٢) من كلام أبي زكريا يحيى بن مَعين (النص: ٢١٨) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>