هذا مبحث قصدت به إزالة الشبهة عن منزلة بعض متقدمي أئمة الحديث، وجدنا من جاء من بعد يتنازعون في قوة تعديلهم للرواة، وقصدت فيه إلى جماعة عرفوا بالكلام في الرواة، لا من له القول بعد القول، والكلام محصور في الأئمة: أحمد بن عبد الله العجلي، وأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي حاتم محمد بن حبان البستي، وأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وأبي عمر بن عبد البر.
ومعلوم عند المعتني بهذا العلم أن لهؤلاء الأئمة كلاماً كثيراً في تعديل الرواة، لكن أشكل منهم إطلاق التعديل في طائفة من الرواة هم في نظر غيرهم من النقاد مجهولون أو مجروحون.
وبعض الناس شكك في توثيق يحيى بن معين ومحمد بن سعد ويعقوب بن سفيان والنسائي والدارقطني، من جهة أنهم كان يقع في كلامهم توثيق المجهولين.
وأقول: دعوى ذلك تجن على هؤلاء الأئمة، فهؤلاء جميعاً من أعلم خلق الله برواة الحديث، وطرقهم في نقد الرواة غير خارجة عن طرق