الصورة الأولى: أن تتكافأ الطرق قوة عن راو ثقة، يروي حديثاً، فيقول فيه مرة:(عن فلان)، ومرة:(عن رجل آخر)، لا على سبيل الشك، وإنما افتراق الوجهان بافتراق طرق كل عن ذلك الثقة.
مثل أن يروي بعض أصحاب سهيل بن أبي صالح حديثاً عنه عن أبيه عن أبي هريرة، وغيرهم عنه عن أبيه عن أبي سعيد.
فهذا لا يخلو من واحد من احتمالين:
أولهما: أن يكون صوابه من أحد الوجهين، فيكون أخطأ فيه ذلك الثقة، وقد يترجح الصواب بعينه بقرينة، فيصار إليه، وقد لا يترجح شيء، فتقبل الرواية أيضاً؛ لأنه غاية أمرها أن تكون محفوظة بأحد الإسنادين.
وثانيهما: أن يكون محفوظاً من الوجهين جميعاً.
وهذا طريق لا يصار إليه إلا إذا كان ذلك الثقة ممن لا يعاب من مثله تعدد الأسانيد، من مثل الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وشبههم.
وطائفة من المتأخرين يصيرون إلى ترجيح الاحتمال الثاني، بعضهم يقول:" ذلك أولى من تخطئة الثقة "، وبعضهم يجعله منه من أجل ثقته قوة للحديث أن حفظه من وجهين.
كما قال ابن حزم في مثل هذا:" هذا قوة للحديث وزيادة في د لائل صحته ".
فقال مثلاً في المثال المذكور:" في الممكن أن يكون أبو صالح سمع الحديث من أبي هريرة، ومن أبي سعيد، فيرويه مرة عن هذا، ومرة عن هذا "(١).