للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولا ريب أن اعتبار هذا المعنى الذي ذكره أحمد إنما هو عند أداء الحديث من قبل الراوي، أما الاستدلال منه بقصد الاستدلال فالفسحة فيه أظهر.

والواقع التطبيقي في مصنفات الحديث، خصوصاً تلك التي اعتنت بالأبواب، كثرة وقوع ذلك فيها، و (صحيح البخاري) من أكثرها استعمالاً لذلك.

[المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور]

المقصود به: أن يسوق مخرج الخبر حديثاً بإسناده ومتنه، ثم يخرج بعده متابعة أو شاهداً، فلا يسوق اللفظ، ويقول بعد الفراغ من الإسناد مثلاً: (مثله) أو (نحوه)، يحيل على اللفظ المتقدم.

وهذا لا حرج فيه، ويكثر عند أهل الحديث استعماله، لكن يجب الاحتياط في حكاية لفْظ الرواية المحالة.

قال الحاكم: " مما يلزم الحديثي من الضبط والإتقان إذا روى حديثاً وساق المتن، ثم أعقبه بإسناد آخر: أن يُفرَّق بين أن يقول: (مثله)، (أو نحوه)، فإنه لا يَحل له أن يقول: (مثله) إلا بعد أن يقف على المتنين جميعاً، فيعلم أنهما على لفظٍ واحد، وإذا لم يُميز ذلك، جاز أن يقول: (نحوه)، فإذا قال: (نحوه) بين أنه مثل معانيه " (١).

ويتفرغ عن هذه المسألة: هل يصح سياق نفس المتن المذكور للرواية الأولى للإسناد الثاني؟

الجواب: اختلف في ذلك المتقدمون، فوسع فيه سفيان الثوري في (مثله) و (نحوه)، ووافقه النقل عن يحيى بن معين في (مثله) خاصة، ومنع شعبه بن الحجاج من ذلك فيهما (٢).


(١) سؤالات مسْعود السجزي للحاكم (النص: ١٢٣، ٣٢٢).
(٢) خرَّج الروايات بذلك عنهم الخطيب في " الكفاية " (ص: ٣١٩، ٣٢٠) بأسانيد صحيحة. وكذلك النقل عن ابن معين موجود في " تاريخه " (النص: ٢٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>