للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم من العمل شيئاً، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم، وكانوا أصنافاً: فمنهم من كان كذاباً في غير علمه، تركته لكذبه، ومنهم من كان جاهلاً بما عنده، فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله، ومنهم من كان يدين برأي سوء " (١).

ومن مثاله في النقلة (أنس بن عبد الحميد، أخو جرير)، قال أخوه جرير: " لا يكتب عنه؛ فإنه يكذب في كلام الناس، وقد سمع من هشام بن عروة وعبيد الله بن عمر، ولكن يكذب في حديث الناس، فلا يكتب عنه " (٢).

[كتابة أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب للتمييز:]

حين يقول الناقد: " فلان لا يكتب حديثه " يعني لا يجوز الاعتبار به في الشواهد والمتابعات، ولا يراد به منع كتابته للتمييز والمعرفة، بل كما بينت فيما تقدم في طريق تمييز ضبط الراوي، أنه لم يتميز كثير من النقلة إلا بمقارنة حديثهم بأحاديث الثقات والمجروحين جميعاً، ولم يكتشف كثير من علل الحديث إلا بذاك، فالإبقاء على تلك الأحاديث لأهل الاختصاص هو بمنزلة الآلة يميزون بها الناقل والمنقول.

فعن سفيان الثوري قال: " إني لأحمل الحديث على ثلاثة أوجه: أحمل الحديث عن رجل أتخذه ديناً، وأحمل الحديث عن رجل لا أستطيع جرحه ولا أستطيع أتخذه ديناً، وأحمل الحديث عن رجل لا أعبأ بحديثه أحب معرفته " (٣).


(١) أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (١/ ٦٥) بإسناد صحيح.
(٢) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (١/ ١ / ٢٨٩ _ ٢٩٠).
(٣) أخرجه البغوي في " الجعديات " (رقم: ١٨٧٨) والعقيلي (١/ ١٥) وابن عدي (١/ ١٦٧) والخطيب في " الجامع " (رقم: ١٥٨٢) من طُرقٍ عن نعيم بن حماد، حدثنا حاتم الفاخر، عن سفيان، به. قلت: وإسناده صالح، نُعيم صدوق في الأصل يُخطئ يُحتمل منه مثلُ هذا، وحاتم مستورٌ، وثقه نعيم في هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>