الصورة الثالثة: أن يروي الثقتان حديثاً يتفقان فيه سنداً ومتناً، إلاًّ في لفظة، يرويها أحدهما على ضد ما يرويها الآخر.
مثل: رواية عبد الله بن نمير، وهو من الثقات، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المسيء صلاته:
" ثم اسْجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ".
فذكر في القصة الجلوس بعد السجدة الثانية، وهذه الجلسة هي التي تسمى ب (جلسة الاستراحة).
خالفه أبو أسامة حماد بن أسامة، وقد رواه عن عبيد الله بن عمر، فقال في لفظه:" ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ".
فأسقط ذكر الجلسة من روايته، وبلفظ مخالف لإثباتها.
ورجح البيهقي روايته على رواية ابن نمير؛ لأنه أثبت في الجملة منه.
لكن وجدنا من القرائن ما بين الخطأ في رواية أبي أسامة، وذلك أن الرواية عنه قد اختلفت، فرواه عنه إسحاق بن منصور وهو ثقة حافظ بترك الجلسة، ورواه إسحاق بن راهويه موافقة لرواية ابن نمير، ولا سبيل إلى الطعن على من دون أبي أسامة، فلم يبق إلا الوهم عليه، كما وجدنا الترجيح لذلك بغير ذلك من القرائن (١).
(١) الحديث بالاختلاف أخرجه البخاري في " صحيحه "، وذكرت طرفاً من شرح علته في كتابي " الأجوبة المرضية عن الأسئلة النجدية " (ص: ٥٤ _ ٥٥).