للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل هذا:

أن من الغفلة ينتج سوء الحفظ، فيخطئ الراوي في الأسانيد: فيرفع الموقوف، ويوقف المرفوع، ويوصل المرسل، ويرسل الموصول، ويقلب الأسانيد، فيجعل ما لهذا الشيخ لشيخ آخر، ولا يضبط المتون، ويغير فيها.

وسوء الحفظ يكون بسبب خلقي، وهو ضعف ذاكرته، كما يكون بتفريط من الراوي، وعليه فهذان قسمان:

[القسم الأول: الوهم والغلط بمقتضى الجبلة]

وهو طبيعة ثابتة لكل نفس، ولا تكون سبباً للقدح في الراوي حتى تكثر منه إلى جنب إلى ما روى (١)، فإن كثرت صارت به إلى مرتبة في الجرح، تتفاوت قدراً، وقد تبلغ بالراوي إلى ترك حديثه، وذلك إذا فحش منه، كما قال الشافعي: " من كثر غلطه من المحدثين ولم يكن له أصل صحيح لم يقبل حديثه، كما يكون من كثر غلطه في الشهادة لم تقبل شهادته " (٢).

ومن أمثلته:

قول الدارقطني في (الجراح بن مليح أبي وكيع): " ليس بشيء، هو كثير الوهم "، قال البرقاني: قلت: يعتبر به؟ قال: " لا " (٣).

وقول الحافظ عمرو بن علي الفلاس في (جعفر بن الزبير الشامي) وكان متروك الحديث، ومنهم من بالغ فكذبه: " متروك الحديث، وكان رجلاً صدوقاً كثير الوهم " (٤).


(١) وانْظر المبحث التالي (متى يُترك حديث الراوي؟ ).
(٢) أخرجه ابنُ عدي في " الكامل " (١/ ٢٠٧) وإسناده صحيح.
(٣) سؤالات البَرقاني للدارقطني (النص: ٦٧).
(٤) الكامل، لابن عدي (٢/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>