للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل غيره، وأن يكون سعي كل لنفسه وعليها، فلما كان هذا هكذا، لم يجزْ أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره " (١).

قلت: وسبقت عائشة أم المؤمنين الشافعي لترد ما بلغها في هذا الباب إلى ما تعلمه من حالها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فعنها، وذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب، والحمار، والمرأة، فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ (وفي رواية: إن المرأة لدابة سوء)، والله، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير، بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه (٢).

قلت: وهذا المثال الذي ذكرته عن الشافعي محل مناقشة بين أهل العلم، لكنك رأيت من خلاله أنهم كانوا يردون الحديث الواحد من رواية الثقة إلى المحفوظ من السنن، ويجعلون من ذلك المحفوظ ميزان يزنون به رواية ذلك الثقة، فإن جاءت على خلاف المحفوظ جعلوا ذلك علة لها.

وهذا يحتاج إلى تحوط شديد، كالذي ذكرته في العرض على القرآن، إذ لا يحل رد خبر الثقة بالمظنة الضعيفة، حتى تظهر حجة بينة فتكون تلك الحجة هي المعللة لروايته.

[النوع الرابع: مخالفة المحسوس]

والمقصود: أن تأتي رواية الثقة على خلاف المشاهد.

وهذه الصورة من التعليل معدومة في أحاديث الثقات، ولا يؤخذ على ثقة أنه روى ما يخالف المحسوس.


(١) اختلاف الحديث (ص: ١٣٩ _ ١٤٠).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: ٤٨٦، ٤٨٩، ٤٩٢، ٤٩٧) ومسلم (١/ ٣٦٦)، والرواية الأخرى له.

<<  <  ج: ص:  >  >>