للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: تقويته بالموقوفات على الصحابة.

الحديث الموقوف لا يقوي المرفوع إلا إذا كان مما لا مجال للرأي فيه، ولم يكن من أحاديث بني إسرائيل.

فإن قلت: وجدنا في كلام الشافعي ما نعتبر فيه تقوية المرسل بالمنقول عن الصحابة (١).

قلت: ليس لهذا مثال يقول فيه الشافعي بتصحيح نسبة حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم علته الإرسال، بقول صحابي أو فعله، وإنما وجد في كلامه تعضيد الحكم المستفاد من المرسل، بجريان عمل بعض الصحابة به، كما وقع منه في بعض مراسيل سعيد بن المسيب.

وثبوت الحكم بهذا الطريق غير ثبوت نسبة الحديث.

وجاء عن أحمد بن حنبل في هذا ما قد يتعلق به، وذلك ما حكاه أبو زرعة الدمشقي، قال: سألت يحيى بن معين عن حديث أبي سلمة عن جابر في الشفعة، قلت له، ما تقول فيه؟ قال: " منكر "، ورأيته ينكر رفعه عن جابر، ويعجبه وقوفه عن سعيد وأبي سلمة. قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول فيه؟ قال: " هو ثبت "، ورفع منه، واعتد برواية معمر له، واحتج له برواية مالك وإن كانت موقوفة. قلت لأحمد: ومن أي شيء ثبت؟ قال: " رواه صالح بن أبي الأخضر " يعني مثل رواية معمر، قلت: صالح يحتج به؟ قال: " يستدل به، يعتبر به " (٢).

قلت: فظاهر هذا أن أحمد قوى المرفوع بالموقوف، وليس كذلك وإنما أطلق لفظ (الموقوف) هنا على المرسل، وذلك أن الحديث رواه معمر بن راشد وصالح بن أبي الأخضر وغيرهما، عن ابن شهاب الزهري


(١) وسيأتي ذِكر نصِّه فيه .......
(٢) تاريخ أبي زُرعة (١/ ٤٦٣ _ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>