أولاً: إن صدرت منه العبارة صريحة في تعديل أو تجريح أو تجهيل الراوي المعين، فقوله حجة، كقول شيخه الدارقطني وشبهه، فإن خالفه غيره في بعض ذلك، فهو من اختلاف الجرح والتعديل، يرجح الراجح بحجته.
ثانياً: حكمه على إسناد في " المستدرك " بقوله مثلاً: " صحيح الإسناد "، حكم منه بثقة رواته عنده، لكنه في مرتبة غير معينة من القبول، من أجل أنه لم يكن يفرق بين الصحيح والحسن، فقد يكون الروي في مرتبة الثقة أو مرتبة الصدوق.
ولما ثبت من خطئه الكثير في الحكم على أحاديث بالصحة وهي واهية أو ضعيفة من رواية المجروحين، فإنه لا يصح تعميم القول في الاحتجاج بذلك على كون رواة الإسناد ثقات أو صدوقين، لكنه يرفع من شأن الراوي المجهول عند غيره.
[طريقة ابن عبد البر]
ابن عبد البر من طبقة الخطيب البغدادي، وهما معدودان في المتأخرين، كلاهما في الرواة المتقدمين مبني على تلخيص عبارات السلف فيهم، نعم الخطيب فارق ابن عبد البر بإنشاء القول بتعديل الرواة وجرحهم، خصوصاً من طبقة شيوخه، لكن لا يكاد يوجد ذلك لابن عبد البر إلا قليلاً.
فإذا كان قول ابن عبد البر في الرواة خلاصة كلام السالفين، فالحجة إذاً عائدة إلى كلامهم، ويبقى تحرير ابن عبد البر للعبارة في الراوي تحرير إمام ناقد، فكما نقبل تحرير العبارة ممن جاء بعده كالذهبي وابن حجر من المتأخرين، فقبول قوله أولى، بل إن المتتبع لكلامه في الرواة في كتبه يجد له وزن عبارة الناقد العارف بهذا العلم فيه.
وإنما دخلت الشبهة عند بعض الناس أن ابن عبد البر يتساهل في