للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل أنه وجد أحاديث الحسن عن أبي بكرة تأتي تارة بواسطة الأحنف بن قيس، وبه أعل أربعة أحاديث في " صحيح البخاري " (١).

غير أن قوله مرجوح، لثبوت الرواية عن الحسن صريحة بسماعه من أبي بكرة، وثبوت السماع مرة يخرج روايته عن شمولها بمبحث (الإرسال الخفي).

والعلم بوقوع الإرسال الخفي حاصل إما بتنصيص النقاد كالذي ذكرت بعض مثاله عنهم، أو أن يتبين باستقراء وسبر طرق الحديث، وهي الطريق لتمييز علل الحديث.

[تاريخ التدليس]

وقوع التدليس قديم في الأسانيد، بدأ في عصر التابعين (٢).


(١) قال في " التتبع " (ص: ٣٢٣): " أخرج البخاري أحاديث الحسن عن أبي بكرة، منها: الكسوف، ومنها: زادك الله حرْصاً ولا تَعد، ومنها: لا يُفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة، ومنها: ابني هذا سيد. والحسن لا يَروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة ".
قلت: وهو مُتعقب بما وَقع عند البخاري في رواية حديث: " ابني هذا سيد "، فإن الحسن قال فيه: " ولقد سمعْت أبا بكرة "، كما أخرجه البخاري في (كتاب الصلح) (رقم: ٢٥٥٧) و (كتاب الفتن) (رقم: ٦٦٩٢)، ومُختصراً في (كتاب فضائل الصحابة) (رقم: ٣٥٣٦)، قال البخاري في الموضع الأول: قال لي عليُّ بن عبْد الله (يعني ابن المديني): " إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث "، ومعنى ذلك في " التاريخ الكبير " (١/ ٢ / ٥٦).
وفسَّر أبو الوليد الباجي في " التعديل والتجريح " (٢/ ٤٨٦) (الحسن) قائل تلك العبارة: " سمعت أبا بكْرة " بأنه (الحسن بن علي) من أجل سياق القصة بذكْره، فجعل هذا الحديث من رواية الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبي بكرة، وهو قولٌ ظاهر الضعف، ومُخالفٌ للظاهر، ولم يروَ الحسن بن علي عن أبي بكرة.
وأثبت سماع الحسن البصري من أبي بكرة بهْز بن أسد، فقال: " سمع من أبي بكْرة شيئا " (المراسيل، لابن أبي حاتم، ص: ٤٥).
(٢) أما ما حُكي عن شُعبة، أنه قال: " أبو هريرة كان يدلس ". فهذا بينت وهاءه سنداً، وقُبحه إطلاقاً في (المبحث السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>