للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراه _ والله _ إلا يكذب في دعواه، فإنه لو قرأ البخاري أو الترمذي وحفظهما، فإنه إنما تلقاهما بالطريق الذي تلقاهما به سائر الناس، وهو هذه الوجادات عن الأصول الخطية والنسخ المنتهية أصولها إلى قرون عدة، فأي فضل في هذا لإسناد هذا المسكين، وأي صدق في دعواه: (أروي هذا عن فلان؟ )، ما هذا إلا من تشبع الإنسان بما لم يعط، ولا عجب، فكثير من هؤلاء المجيزين والمجازين ممن لا حظ لهم في هذا العلم.

[القسم الثالث: الوجادة]

صيغتها: (وجدت، أو: وجدنا في كتاب فلان)، وقد يقول الراوي: (قرأت في كتاب فلان).

قال عياض: " لا أعلم من يقتدى به أجاز النقل فيها بـ (حدثنا) و (أخبرنا)، ولا من يعده معد المسند " (١).

وأمثلتها في استعمال السلف كثيرة.

وربما زاد المحدث التصريح بكون تلك الوجادة بخط من وجدت عنه، وكثيراٍ ما يستعمل ذلك عبد الله بن أحمد بن حنبل في " المسند " عن أبيه، فيقول: " وجدت في كتاب أبي بخط يده "، ويسوق الحديث.

قلت: وهذا التصريح زيادة توكيد، فإن اكتفى بالقول: (وجدت في كتاب فلان) فالأصل حمل تلك الإضافة على أنَّ ذلك الكتاب صحيح النسبة إليه.

فمثل قول محمد بن المثنى: " نسخت هذا الحديث (٢) من كتاب غندرٍ


(١) الإلماع (ص: ١١٧).
(٢) يعني حديثه أن رجلين تداعيا عنْد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلف المدَّعى عليه بالله الذي لا إله إلا هو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد غفر لك بإخلاصك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>