للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الموصوف بها لم يبلغ حد الترك فلا يقبل هذا الجرح إلا بدليل قاطع أنه كان يسرق الحديث، فإن ثبت حينئذ ألحقنا ذلك الراوي بالمتروكين وأسقطنا الاعتبار بحديثه.

والراوي الضعيف من جهة سوء حفظه قد يقلب أحاديث سمعها من شيخ يجعلها عن شيخ آخر، ويركب إسناداً على غير متنه، لكنه إنما أتي من جهة سوء الحفظ لا سرقة الحديث، كما يأتي شرحه في مباحث (النقد الخفي).

مسألة:

الراوي يكون قد سمع وكتب، لكن ذهبت أصوله، فيحدث بنفس تلك الأحاديث التي سمع لكن من غير أصوله، فهل يكون ذلك من هذا الباب؟

مثاله: قول أحمد بن إسحاق بن واضح العسال المصري (وهو شيخ مستور): " كان محمد بن خلاد الإسكندراني رجلاً صالحاً ثقة، ولم يكن فيه اختلاف، حتى ذهبت كتبه، فقدم علينا رجل يقال له: أبو موسى، في حياة ابن بكير (١)، فدفع إليه نسخة ضمام بن إسماعيل، ونسخة يعقوب بن عبد الرحمن، فقال: أليس قد سمعت النسختين؟ قال: نعم، قال: فحدثني بهما، قال: ذهبت كتبي ولا أحدث بها، قال: فما زال به هذا الرجل حتى خدعه، وقال: النسخة واحدة، فحدث بها، فكل من سمع منه قديماً قبل ذهاب كتبه فحديثه صحيح، ومن سمع منه بعد ذلك فحديثه ليس بذاك " (٢).

قلت: وهذا يعني أنه لا يقبل من الراوي أن يحدث بمسموعه من أصول غيره، إلا أن يثبت سماعه على نفس ذلك الأصل.


(١) هوَ يحيى بن عبْد الله بن بكيْر.
(٢) أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (١/ ٧٥)، والحاكم في " المدخل إلى الإكليل " (ص: ٦٨ _ ٦٩) وإسناده إلى ابن واضح صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>