للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة الفصل في هذا: أن ما قيل من مجانبة حديث المبتدع، ففيه اعتبار الزمان الذي كانت الرواية فيه قائمة، ومرجع الناس إلى نقلة الأخبار في الأمصار، وما كان قد حصر يومئذ بيان أحوال الرواة، أما بعد أن أقام الله بأهل هذا الشأن القسطاس المستقيم (علم الجرح والتعديل) فميزوا أهل الصدق من غيرهم، وفضح الله بهذا العلم خلائق من أهل الأهواء والبدع وافتضحوا بالكذب في الحديث، فأسقطهم الله، كما أصاب الهوى بعض متعصبة السنة، فوقعوا في الكذب في الحديث كذلك، وهو وإن كانوا أقل عدداً من أصحاب البدع، إلا أنهم شاركوهم في داعية الهوى والعصبية، وقابل هؤلاء وأولئك من ثبت له وصف الصدق من الفريقين، فأثبت أئمة الشأن له ذلك، فلا يكون في التحقيق وصف من وصفوة بالصدق إلا من أجل ما روى.

[السبب الخامس: الجهالة]

الجهالة على ما يأتي من بيان معناها في الفصل التالي، كانت جهالة عين أو جهالة حال، فإن لحاقها بالجرح لا من أجل ثبوته في حق الراوي، وإنما هو من أجل اجتماعها في معنى رد حديث الراوي؛ ولذلك صار المصنفون من المتأخرين الذين أفردوا الرواة المجروحين بالتصنيف، إلى إدخال المجهولين كذلك في كتبهم.

وهذا معنى صحيح عندما لا يتحرر إلحاقهم بالعدول، وهو على معنى التوقف فيهم؛ لما يشترط لإثبات العدالة من ثبوت شخص أحدهم، وسلامة حديثه من النكارة، على ما تقدم بيانه في التعديل.

وعليه: فالقدح في العدالة بسبب الجهالة صحيح بالاعتبار الذي ذكرنا (١).

* * *


(١) وتتمة بيان ما يتصلُ بالجهالة في الفصْل التالي المعقود لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>