للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الثانية، وهي عمل الإمام بخلاف رواية راو حدث هو عنه بتلك الرواية وقال بخلافها.

فهذا لا يقدح به على الراوي ولا على الحديث، فمعلوم أن لترك العمل بالحديث أسباباً عدة، فقد يكون تركه لمعارض أقوى عنده، أو قياس أو احتمال نسخه، أو غير ذلك.

فهذا مالك روى عن نافع وهو الثقة الحافظ عنده، عن ابن عمر حديث البيعين بالخيار، ولم يقل به مالك؛ لأنه رأى عمل أهل المدينة على خلافه.

قال الخطيب: " إذا روى رجل عن شيخ حديثاً يقتضي حكماً من الأحكام، فلم يعمل به، لم يكن ذلك جرحاً منه للشيخ؛ لأنه يحتمل أن يكون ترك العمل بالخبر لخبر آخر يعارضه، أو عموم، أو قياس، أو لكونه منسوخاً عنده، أو لأنه يرى أن العمل بالقياس أولى منه، وإذا احتملت ذلك لم يجعله قدحاً في راويه " (١).

الصورة الخامسة: الرواية عن المجروحين والمجهولين.

وقع هذا من نفر كثير من الثقات، بل حفاظ الناس ومتقنيهم.

قال بندار (محمد بن بشار): " ضرب عبد الرحمن بن مهدي على نيف وثمانين شيخاً عنهم الثوري " (٢).

وقال عبد الرحمن بن مهدي: " اتقوا هؤلاء الشيوخ، واتقوا شيوخ أبي عامر العقدي المدنيين " (٣).

وهذا الأعمش أنكروا عليه التحديث ببعض الحديث الذي يكون من


(١) الكفاية (ص: ١٨٦).
(٢) أخرجه ابنُ عدي في " الكامل " (١/ ٢٠٠) بإسنادٍ صحيح.
(٣) أخرجه ابن عدي (١/ ٢٠٠) بإسناد حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>