للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الصحابي لم يؤخذ عن أهل الكتاب، على ما تقدم بيانه في (المسألة الرابعة).

المسألة الثامنة: الحديث القدسيُّ.

هو لقب شاع للمتأخرين فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه.

وتعريفه المحقَّقُ له أنه: الحديث المرفوع القولي المسند من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله.

وهذه ميِّزه عن القرآن، من جهة أن قرآن لا يقال فيه (حديث مرفوع)، و (القولي) ميَّزه من سائر أنواع المرفوع، والنسبة إلى الله أخرجته من عموم المرفوعات القولية التي هي مما أنشأه النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظه.

مثاله: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " (١).

ومن المتأخرين من قال في تعريف (القدسي): (ما كان معناه من الله تعالى، ولفظه من النبي صلى لله عليه وسلم)، وهذا فيما أرى خطأ لا مستند له إلاِّ إرادة تمييزه عن القرآن حاصل بالتعريف الذي ذكرته آنفاً، وهو المتفق مع صريح عبارة الرفع النَّبويِّ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث القدسي: (قال الله)، وهذا صريح منه صلى الله عليه وسلم في نسبة القول والذي هو الألفاظ ذاتها إلى الله، ولم يردنا في شيء من النقل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتصرف في ألفاظ ما يقول فيه: (قال الله عز جل) ممَّا يحدث به عن ربه سوى القرآن.

ثم إنه يرد على قولهم: (ومعناه من الله) دخول عموم السنة في ذلك، فإن


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: ٤٥٤٩، ٥٨٢٧، ٥٨٢٨، ٧٠٥٣) ومسلم (رقم: ٢٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>