للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنعنة، وفي ذلك قصور ظاهر، والتقليد في هذا لا يجوز، فهذا علم بناؤه على البحث والنظر، فلا يسوغ لمنتصب له أن يقلد فيه، فيصير إلى الطعن في الحديث الصحيح بمجرد كون ابن حجر أورد هذا الراوي أو ذاك في كتابه، علماً بأن ابن حجر أورد الأسماء في غاية من الاختصار، والمتتبع لكلامه نفسه في تقوية الأحاديث يجده لا يلتزم ما التزمه هؤلاء المقلدون.

[فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس]

قال الحاكم: " أهل الكوفة منهم من دلَّس، ومنهم من لم يدلس، وقد دلس أكثرهم، والمدلسون منهم: حماد بن أبي سليمان، وإسماعيل بن أبي خالد، وغيرهما، فأما الطبقة الثانية، فمثل أبي أسامة حماد بن أسامة، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وغيرهما، فإن أكثرهم لم يدلسوا " (١).

وقال: أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي ليس التدليس من مذهبهم، وكذلك أهل خرسان والجبال وأصبهان وبلاد فارس وخوزستان وما وراء النهر لا يعلم أحد من أئمتهم دلس، وأكثر المحدثين تدليساً أهل الكوفة ونفر يسير من أهل البصرة " وذكر أهل بغداد، ونفى أن يكون التدليس فيهم موجداً إلى زمان أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فهو الذي أظهر فيها التدليس (٢).

وقد صح عن شعبة بن الحجاج قال: " ما رأيت أحداً من أصحاب الحديث إلا يدلس، إلا ابن عون وعمرو بن مرة " (٣).

قلت: وهذا عام فيمن رآه شعبة من المعروفين بالاعتناء بالحديث، وحمله على العراقيين أهل بلده أظهر، من أجل قلة ذلك في غيرهم.


(١) المدخل إلى كتاب الإكليل، للحاكم (ص: ٤٦) .......
(٢) معرفة علوم الحديث (ص: ١١١، ١١٢).
(٣) أخرجه البغوي في " الجعديات " (رقم: ٥٢) وإسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>