للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أحمد بن حنبل، قال: " لم يسمع زرارة بن أوفى من تميم الداري، تميم بالشام، وزرارة بصريٌّ " (١).

قلت: وهذا من هذا القبيل، لكن صح عن زرارة قال: " حدثني تميم الداري " (٢)، وهذا نص لا يقبل التأويل في عدم ثبوت السماع، بل فيه دليل على أن عدم اللقاء في رأي أحمد كان مبنيا على مجرد المظنة، فحيث ثبت سماعه منه فقد اندفعت بذلك تلك المظنة.

ثالثها: أن يكون اللقاء ممكناً، ولكن الراوي عن ذلك الشيخ لا يذكر في شيء من حديثه عنه ما يدل على السماع، وثبت أنه أحياناً يروي عنه بعض حديثه بالوسائط.

وهذا مثل سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه حدث عنه بأحاديث، وعامة النقاد كأحمد بن حنبل والبخاري على أنه لم يسمع منه، وأن روايته عنه في مواضع جاءت بواسطة معدان بن أبي طلحة.

نعم، قال أبو حاتم الرازي مرة: " لم يسمع من ثوبان شيئاً، يدخل بينهما معدان "، وهو كقول أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما، وقال مرة: " لم يدرك ثوبان " (٣)، واللفظ الأول في نفي السماع أولى، من أجل قوة مظنة الإدراك في الجملة، ولذا قال يعقوب بن سفيان: " لم يسمع سالم من ثوبان، إنما هو تدليس " (٤).

واستُعمل هذا الطريق في التعليل نقاد الحديث، وهو من خفيه ومشكله، ويحتاج إلى فطنة وبحث، وتقدم في (النقد الخفي).

وأعل الدارقطني بمثله ما يرويه الحسن البصري عن أبي بكرة، من


(١) نقله ابن رجب في " شرح العلل " (١/ ٣٦٨).
(٢) أخرج ذلك البُخاري في " التاريخ الكبير " (٢/ ١ / ٤٣٩) بإسناد صحيح إلى زُرارة .......
(٣) المراسيل (ص: ٨٠).
(٤) المعرفة والتاريخ (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>