وذلك كرواية وكيع بن الجراح عن النضر، لا يبينه: وهو يروي عن النضر بن عربي وهو ثقة، وعن النضر الخزاز وهو ضعيف.
ورواية حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن البصري، وهو يروي عن أشعث بن عبد الملك وهو ثقة، وعن أشعث بن سوار وهو ضعيف.
فهذا وإن كان فيه خفاء من أجل تعيين الراوي المهمَل، لكن ليس ذلك الخفاء علة بنفسه، واعتبار عدالة الرواة وضبطهم يوجب تمييزه، فيصار فيه إلى رواية العدل الضابط فتقبل الرواية، أو رواية المجروح فترد بالعلة الظاهرة.
وجدير أن تعلم بخصوص التعليل بالعلة الظاهرة مسألتين تتصل إحداهما بالأخرى:
المسألة الأولى: الإسناد فيه أكثر من مجروح، والأعلى أشد ضعفاً ممن دونه، فعلى من تُحمل النكارة في ذلك الحديث؟
والمسألة الثانية: إذا جاء المجروحون في الإسناد على نسق، فبمن تلصق النكارة؟
الجواب: إذا توالى في الإسناد أكثر من مجروح، ألصقت النكارة بأشدهم ضعفاً، إلا أن يتابع بما يقوم دليلاً على أن النكارة ليست من جهته، فيصار إلى من فوقة.
قال يعقوب بن سفيان: حدثني عبيد بن إسحاق العطار الكوفي، حدثنا سيف بن عمر، قال: كنت عند سعد الإسكاف، فجاءه ابنه يبكي، فقال: ما لك؟ قال: ضربني المعلم، قال: أما لأخزينهم اليوم، حدثني عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " معلمو صبيانكم أشراركم، أقلهم رحمة لليتيم، وأغلظهم على المسكين "(١).
(١) أخرجه في " المعرفة والتاريخ " (٣/ ٥٨) ومن طريقه: ابن عَدي في " الكامل " (٤/ ٥٠٧).