للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتاب من أحاديث ادعاها لعمرو بن دينار، فلما استقل من مرضه عاودها، فلم يقبل منه " (١).

وقد حكى النووي عمن تقدم من أهل العلم، كأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهما عدم قبول حديث التائب من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: " وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمة ضعيف مخالف للقواعد الشرعية، والمختار: القطع بصحة توبته في هذا وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها المعروفة، وهي: الإقلاع عن المعصية، والندم على فعلها، والعزم على أن لا يعود إليها، فهذا هو الجاري على قواعد الشرع، وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافراً فأسلم، وأكثر الصحابة كانوا بهذه الصفة، وأجمعوا على قبول شهادته، ولا فرق بين الشهادة والرواية في هذا " (٢).

قلت: هذا على سبيل التنظير لا يجوز سواه في شأن التائب من أي ذنب، لكنه في الواقع في هذه المسألة بمنزلة المعدوم، ويطلب التأصيل في هذا الجانب من علوم الحديث لتمييز أحوال النقلة، فإذا عدمنا وجود من يجري عليه تقعيد النووي، فلم يعد في استدراك مثله على أهل الحديث فائدة.

والذي أحمل عليه عبارات المتقدمين في هذا، كأحمد بن حنبل، هو أنهم قد انكشف لهم من حال هؤلاء أن توبتهم من جنس توبة زياد بن ميمون وأبي جزي.

وقد وقفت عل حال أحدهم ممن قد يحتمل أن ينزل عليه تقعيد النووي المذكور، وهو الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن النعيمي البصري


(١) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٤٦٧)، وأبو جُزي هو نصرُ بن طريف الباهلي البصري، وإسناد هذا إلى يزيد صحيح، وانظر قصة أخرى عن أبي جُزي هذا في " المعرفة والتاريخ " ليعقوب بن سفيان (٣/ ٦٢) رواها عبدُ الصمد بن عبد الوارث عنه.
(٢) شرح صحيح مسلم، للنووي (١/ ٧٠)، وانظر: المقنع في علوم الحديث، لابن الملقَّن (١/ ٢٧١ _ ٢٧٢) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>