للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتراخى أحدهما، فليس من مذهبه بناء المطلق على المقيد ولا العام على الخاص في هذه الحالة، وإنما يرى المتأخر منهما ناسخاً، وإلا تعارضا، في تفصيل يُعرف من أصول مذهبه (١).

وليست هذه المسألة من باب زيادة الثقة في الحديث الواحد المعين.

وكذلك الشأن عنْد أهل الصنعة، أهل الحديث، فإن الزيادة في المتن عندهم مَقبولة إذا كانَ من جاء بها ثِقة مُتقنا، لم يَقم دليل على وهمه فيها.

فكذلك كان أحمد بن حنبل يرى، كما سيأتي بعض قوله، وعلى ذلك جرى منهج الشيخين البُخاري ومسلم، فخرَّجا الكثير من مُتون الحديث يزيد الرُّواة فيها على بعضهم، يُصححان كل ذلك.

وسأل عبدُ الرحمن بنُ أبي حاتم أباه وأبا زُرعة عن حديث رواه أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مُضرِّب في قصة ابن النواحة، الزيادة التي يزيد أبو عوانة أنه قال: " وكفَّلهم عشائرهم ": هو صحيح؟ فقالا: " رواه الثوري ولم يذكره هذه الزيادة، إلا أن أبا عوانة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة " (٢).


(١) انظر: شرح التلويح على التوضيح، للسعد التفتازاني (٢/ ٣٦)، و: كشف الأسرار عن أصول البزدوي، لعلاء الدين البخاري (٣/ ١١٠ _ ١١٢).
(٢) علل الحديث لابن أبي حاتم (رقم: ١٣٩٧) ومن قول أبي حاتم في قبول الزيادة أيضاً (رقم: ٣٦١).
وقصة ابنِ النواحة هذه صحيحة الإسناد، أخرجهما البيهقي في " الكبرى " (٦/ ٧٧ و ٨/ ٢٠٦) والخطيب في " الموضح لأوهام الجمع والتفريق " (٢/ ١٠٧ _ ١٠٨) من طريق أبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضرِّب، قال: صليت الغداة مع عبد الله بن مسعود، فذكر الحديث، وفيه الزيادة المذكورة من قول جَرير بن عبد الله والأشعث بن قيس، فيما أشارا به على ابن مسعود.
وعلق الزيادة المشار إليها البخاري في " صحيحه " في (كتاب الكفالة) (٢/ ٨٠١).
والتحقيق أن أبا عوانة لم يتفرد بها عن أبي إسحاق، بل تابعه عليها: إسرائيل بن يونس. فيما أخرجه الطحاوي في " شرح المشكل " (١١/ ٣١٢ _ ٣١٣).
والحديث بدونها رواه الأعمش وسُفيان الثوري وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق، في تفصيل له محلٌّ آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>