للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الخطيب في قبول الزيادة من الثقة أو ردّها من متن الخبر مذاهب، ورجح منها قول الجُمهور، وهو: أن الزيادة الواردة في متن خبر مقبولة مُطلقاً، ومعمولٌ بها، إذا كان راويها عدْلاً حافظاً ومُتقناً ضابطاً (١).

والوجه في قبولها: أن الثقة إذا انفرد بحديث لم يأت به غيره، فهو صحيح مُحتجٌّ به، فإذا كانَ يُقبل تفرده بالحديث، فتفرَّده بالزيادة أولى بالقبول.

كما نقل صالحُ بن أحمد عن أبيه في زيادةِ (من المسلمين) في حديثِ ابن عمر في زكاة الفِطر، قال: " قد أنكر على مالك هذا الحديث، ومالكٌ إذا انفرد بحديث فهو ثقة، وما قال أحدٌ ممن قال بالرأي أثْبتَ منه في الحديث " (٢).

فهو يقول: إذا انفرد بحديث فهو ثقة، فكذلك يَجب أن تُقبل الزيادة يتفرد بها.

فإن قيل: الحديث الواحد يُمكن أن يَسْمعه الراوي دون أن يُشاركه أحدٌ، أما الزيادة في متن حديث مَسموع لغيره كما هو مسموع له، لا يحفظ فيه ذلك الغير تلك الزيادة، فيَنبغي أن يكون دليلاً على خطئها.

قيل: كلاَّ، وذلك لوُجوه، منها:

أولاً: مَظنة أن يكون الراوي يُحدث بالحديث في الأحوال والأزمانِ المختلفة واقعٌ صحيحٌ، فتحديثه بالحديث تارة ببعض الاختصار وتارة بالتمام غير ممتنع (٣)، فسمعه النقلة على الوجهين.

ثانيا: كما أنه لا يَمتنع أن يحضر الجماعة المجلس الواحد، فيسمعوا


(١) الكفاية (ص: ٥٩٧)، وانظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم (٢/ ٩٠ _ ٩١).
(٢) مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه صالح (النص: ١١٦٠).
(٣) ذكر معنى هذا الخطيب في " الكفاية " (ص: ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>