الحديث جميعاً، فيحفظ بعضهم ما لا يحفظه الآخر، وإذا جاز أن يَسمع الراوي الحديث فينساه كله، فأولى من ذلك صِحة احتمال نِِسيان بعضه.
ثالثاً: وكذلك فإن بعض الرواة عن ذلك الشيخ قد يَعمد إلى اختصار الحديث، فلا يجوز أن يكون صنيعه قادحاً في رواية من جاء بلفظ أتم من لفظه.
وللزَّيْلعي في زيادة الثقات في المتون تفصيل مُعتبرٌ، يؤيد ما تقدم من أن القبولَ مَشروطٌ بإتقان الراوي لها، وعدم خطئه فيها، فإنه قال في شأن زيادة ذكْر البَسملة في حديث أبي هريرة من رواية نُعيم المُجمر عنه:" فإن قيل: قدْ رواها نُعيم المجمر، وهو ثقةٌ، والزيادة من الثقة مقْبولة.
قلنا: ليس ذلك مُجمعاً عليه، بل فيه خلاف مَشهورٌ:
فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مُطلقاً، ومنهم من لا يَقبلها، والصحيح التفصيل، وهوَ أنها تُقبل في موضعٍ دون موضع.
فتُقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثِقةً حافظاً ثبْتاً، والذي لم يذكرها مثله، أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس، قوله: " من المسلمين " في صدقة الفِطر، واحتج بها أكثر العلماء.
وتُقبل في موْضع آخر لقرائن تخصها.
ومن حكم في ذلك حُكماً عاماً فقد غلط، بل كلُّ زيادة لها حكم يخصها، ففي مَوْضعٍ يُجزم بِصِحَّتها، كزيادة مالك.
وفي موضع يغلب على الظن صحتها، كزيادة سَعْد بن طارق في حديث: " جُعلت الأرْضُ مسْجداً، وجعلت ترْبتُها لنا طَهُوراً "، وكزيادة سُليمان التميمي في حديث أبي موسى: " وإذا قرأ فأنصتوا ".
وفي موضع يُجزم بخطأ الزيادة، كزيادة مَعمر ومن وافقه، قوله: " وإن كانَ مائِعاَ فلا تقْربوه "، وكزيادة عبد الله بن زياد ذِكْر البسملة في حديث: