للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق، ولكن لا يعد هذا سبباً للطعن على ذلك إذا كان ثقة ضابطاً؛ لجواز النسيان على المحدث، إلا أن يعتضد الجرح بذلك بما يشهد له، أو أن يكون التلميذ لم تستقر ثقته.

قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: يضعف الحديث عندك بمثل هذا: أن يحدث الرجل الثقة بالحديث عن الرجل، فيسأله عنه، فينكره ولا يعرفه؟ فقال: " لا، ما يضعف عندي بهذا " (١).

والعلة في ذلك كما ذكرت: أن النسيان غير مأمون على الراوي، وإن كان ثقة، وإنما العبرة بإتقان من حفظه عنه.

ووقوعه في رواية الثقات نادر قليل.

مثاله: ما رواه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم كره يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها.

قال وكيع: سألت ابن جريج؟ فأنكره، ولم يعرفه (٢).

قلت: فمن ذا يجرؤ أن يطعن بهذا على سفيان الثوري؟! إنما يحمل على نسيان ابن جريج له.


(١) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ٥٤٣) وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه في " العلل ومعرفة الرجال " (النص: ١٣٨١) وعنه: ابنُ أبي خيثمة في " أخبار المكيين " من " تاريخه " (ص: ٣٦١). كما أخرجه يعقوب بن سفيان (٢/ ٨٣٢) ومن طريقه: البيهقي في " الكبرى " (٧/ ٣١٤) من طريق أبي نُعيم وقبيصة عن الثوري، به.
كما نقل عن أحمد ما حكاه عن وكيع عن ابن جريج من إنكاره.
والثوري لم يتفرد به عن ابن جريج، إنما تابعه عليه: سفيان بن عيينة، عند سعيد بن منصور (رقم: ١٤٢٨)، وعنه: يعقوب بن سفيان (٢/ ٨٣٢ _ ٨٣٣) ومن طريقه: البيهقي، وحفص بن غياث عند ابن أبي شيبة (٥/ ٥ / ١٢٢). وتابعهم ابن المبارك عن ابن جريج به في سياق مطوًّل وقصةٍ، أخرجه يعقوب بن سفيان (٢/ ٨٣٣) والبيهقي (٧/ ٣١٤).
وتأول البيهقي إنكار ابن جريج أنه كانَ على اللفظ، وفيه نظرٌ، إنما ظاهرهُ أنه أنكر أن يكون حدَّث به.

<<  <  ج: ص:  >  >>