للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل: أبي البختري وهب بن وهب القاضي، فقد كان يكذب يضع الحديث بلا حياء، اتفقت على ذلك عبارات جميع النقاد، وأمثلة ما وضعه أسانيد ومتوناً كثيرة في كتب المجروحين.

ومثل: جعفر بن الزبير، قال محمد بن جعفر غندر: رأيت شعبة (يعني ابن الحجاج) راكباً على حمار، فقيل له: أين تريد يا أبا بسطام؟ قال: أذهب فأستعدي (١) على هذا (يعني جعفر بن الزبير)؛ وضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مئة حديث كذباً " (٢).

ومثل: محمد بن أحمد بن عيسى الوراق، قال ابن عدي: (يضع الحديث، ويلزق أحاديث قوم لم يرهم، يتفرد بها، على قوم يحدث عنهم ليس عندهم "، قال: " عندي عنه آلاف الحديث، ولو ذكرت مناكيره لطال به الكتاب " (٣).

وهذا الصنف نفوسهم مريضة عرية من الورع، رخيصة، يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغاية من الوقاحة وسوء الأدب ورقة الدين.

وفيهم طائفة ربما تذرعوا بجهل أنهم قصدوا نصر الدين، فقالوا: نكذب له صلى الله عليه وسلم لا عليه، ونكذب لمصلحة لا لمفسدة، والكذب المحرم إنما هو في حق من كذب عليه يريد بذلك شينه وشين الإسلام، كما يتنزل على هذا حال نوح بن أبي مريم وشبهه.

وهذا الصنف من الرواة هم المعنيون بالوعيد الشديد الوارد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، كالحديث الصحيح المتواتر: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " (٤).


(١) أسْتنْصر عليه، كأنه يعني يَشكو أمره إلى السلطان ليَدفع سوءَه.
(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل " (١/ ١٨٢) وإسناده صحيح .......
(٣) الكامل (٧/ ٥٥٩، ٥٦٢).
(٤) جمع طرقه الحافظ الطبراني في " جزء "، وابن الجوزي في صدْر كتاب " الموضوعات ".

<<  <  ج: ص:  >  >>