كما ترى مثلاً في قول الدارقطني في (زر بن حبيش): " لم يلق أنس بن مالك، ولا يصح له عنه رواية "(١)، مع أن أنساً من صغار الصحابة وآخرهم موتاً، وزر تابعي قديم، أدرك الجاهلية، وسمع من عمر وعثمان وعبد الله بن مسعود والكبار من الصحابة، بل إنه مات قبل أنس بنحو عشر سنين، فالإدراك متيقن، ولكن قام البرهان على عدم اللقاء والسماع، فسقط اعتبار مجرد الإدراك.
٢ _ تمييز الانقطاع في الإسناد.
وهذه الفائدة ظاهرة من التي قبلها، فإن وقوع الراوي في طبقة لم تدرك طبقة الشيخ دليل على الانقطاع، ولا أظهر في إفادة ذلك من وقوع مولد الراوي بعد وفاة الشيخ، أو وفاة الشيخ والراوي عنه له من العمر ما لا يتهيأ في مثله التحمل والسماع، كأربع سنين أو دونها.
٣ _ تزييف دعوى السماع وكشف الغلط أو الكذب.
وذلك في حال قول الراوي:(حدثنا) وشبهها من صيغ السماع، وقامت الحجة على عدم إدراكه لمن روى عنه بتلك الصيغة.
وهذا كما تقدم يقع غلطاً من الراوي أو بعض من روى عنه، أو كذباً.
٤ _ جرح الرواة أو تعديلهم.
وذلك أن الراوي إذا ادعى السماع، وطبقته تمنع إمكان ذلك، فإما أن تكون تلك الدعوى وهماً، أو كذباً، وذلك إما منه أو ممن هو في سياق الإسناد إليه، وإذا تعين الواهم أو الكاذب كان ذلك جرحاً فيه بحسبه، فإن كان قد استقر صدقه حكمنا بوهمه، وإذا تكرر ذلك منه فربما صيرنا للحكم بسوء حفظه، وإن لم يستقر صدقه كان ذلك سبباً لجرحه بالكذب.