للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على بعض الرواة، ربما لم يحكموا عليها بأكثر من النكارة، فيوردها ابن الجوزي على أنها موضوعة.

والثاني: أنه بنى في نقده على إعماله الجرح غير المحرر في الراوي المختلف فيه، وأوهامه في هذا كثيرة في جميع كتبه التي تعرض فيها لنقد الأحاديث أو الرجال، فإنه يذكر الجرح ويقصر في التعديل، أو يغفله جملة، وغاية أمر الراوي أن يكون ضعيفاً لا يتهم.

قال الذهبي وذكر قدر معرفة ابن الجوزي بنقد الحديث: " أما الكلام على صحيحه وسقيمه، فما له فيه ذوق المحدثين، ولا نقد الحفاظ المبرزين، فإنه كثير الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة، مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات، والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها، ولا ذكرها في الموضوعات وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حساناً قوية، ونقلت من خط السيف أحمد بن المجد (١) قال: صنف ابن الجوزي كتاب " الموضوعات "، فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل. ومما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف، أو: ليس بالقوي، أو: لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا حجة بأنه موضوع، سوى كلام ذلك الرجل في راويه، وهذا عدوان ومجازفة " (٢).

قلت: نعم، أكثر ما في كتاب " الموضوعات " من الحديث الأحاديث الموضوعة.

قال ابن تيمية: " الموضوع في اصطلاح أبي الفرج: هو الذي قام دليل على أنه باطل، وإن كان المحدث به لم يتعمد الكذب، بل غلط فيه؛ ولهذا


(١) هو الحافظ سيف الدين أبو العباس أحمد بن مجد الدين عيسى بن موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (المتوفى سنة: ٦٤٣).
(٢) تاريخ الإسلام (حوادث وفيات ٥٩١ _ ٦٠٠) (ص: ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>