للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النظر في القول الثالث، فإن القائل به قد حضر السماع في تلك الرواية الخاصة، وكان ينبغي أن تكون مظنة راجحة على السماع في الجملة، كما سيأتي في (المبحث الثالث)؛ وذلك لعدم ثبوت المعارض، ولما جرى عليه عمل الجميع أن الراوي إذا ثبت سماعه من الشيخ ولو مرة، ولم يثبت عنه التدليس، فكل ما حدث به عن ذلك الشيخ بالعنعنة فهو متصل.

وهذا القول في التحقيق وارد في نصرة القول الرابع.

ثم يزيد عليه القول الرابع من الأدلة ما ذكره البخاري، وهو ثابت إلى عبد الرحمن من جهة الإسناد،

فهو وقصة الضب الصحيحة الإسناد دليلان.

ينضم إليهما ثالث:

وهو ما حدث به عبد الملك بن عمير، قال: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، أن عبد الله بن سعود أوصى ابنه عبد الرحمن، فقال: " يا بني، إني أوصيك بتقوى الله، وأمسك عليك لسانك، وابك من خطيئتك، وليسعك بيتك " (١).

وهذه رواية صحيحة، فمن كان في سن يعقل فيه مثل هذه الموعظة، فجدير أن يكون أهلاً لحمل العلم وحفظ الحديث.

ومن خلال القولين الرابع والخامس تعلم خطأ قول الحاكم: " لم يسمع من أبيه في أكثر الأقاويل "، وأبين منه خطأ قوله في موضع آخر: " مشايخ الحديث اتفقوا على أن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه " (٢)!!

فها هي الأسانيد قد صحت عن عبد الرحمن بتصريحه بالسماع من أبيه


(١) أخرجه ابنُ أبي عاصم في " الزهد " (رقم: ٣٥) وإسناده صحيح، وهو أصح إسناد رُوي به هذا الخبر عن عبد الملك بن عُمير.
(٢) سؤالات مسعود السجزي (النص: ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>